قال ذي النون المصري: بينا أنا في بعض مسيري إذ لقيتني امرأة فقالت لي: من أين؟ قلت: رجل غريب، فقالت لي: ويحك، وهل يوجد مع الله إخوان الغربة؟! وهو مؤنس الغرباء، ومعين الضعفاء، فبكيت فقالت لي: ما يبكيك؟ قلت: وقع الدواء على داء قد قرح فأسرع في نجاحه. قالت: إن كنت صادقاً، فلم بكيت؟ قلت: والصادق لا يبكي! قالت: لا. قلت: ولِمَ؟ قالت: لأن البكاء راحة القلب، وملجأ يلجأ إليه، وما كتم القلب شيئاً أحق من الشهيق والزفير، فإذا أسبلت الدمعة استراح القلب، وهذا ضعف عند الألباء يا بطال، فبقيت متعجباً من كلامها، فقالت: مالك؟ قلت: تعجباً من هذا الكلام. قالت: وقد أنسيت القرحة التي سألت عنها. قلت: لا. قلت: علميني شيئاً ينفعني الله به. قالت: وما أفادك الحكيم في مقامك هذا من الفوائد ما تستغني به عن طلب الزوائد. قلت: لا، ما أنا بمستغن عن طلب الزوائد. قالت: صدقت أحب ربك واشتق إليه فإن له يوماً يتجلى فيه على كرسي كرامته لأوليائه وأحبائه فيذيقهم من محبته كأساً لا يظمئون بعدها أبداً. قال: ثم أخذت في البكاء والزفير والشهيق، وهي تقول: سيدي: إلى كم تخلفني في دار لا أجد فيها أحداً يسعدني على البكاء أيام حياتي، ثم تركتني ومضت.......
الثلاثاء، 5 أغسطس 2014
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات:
إرسال تعليق